أشعار العشاق

أشعار العشاق


شعر عيناك والسحر الذي فيهما

يقول إيليا أبو ماضي:

عَيناك وَالسِحرُ الَّذي فيهِما

صَيَّرَتاني شاعِراً ساحِرا

طَلَّمَتنِيَ الحُب وَعَلَّمتُهُ

بَدَر الدُجى وَالغُصن وَالطائِرا

إن غِبتِ عَن عَيني وَجُنَّ الدُجى

سَأَلتُ عَنكِ القَمَرَ الزاهِرا

وَأَطرُقُ الرَوضَةَ عِندَ الضُحى

كَيما أُناجي البُلبُلَ الشاعِرا

وَأَنشُقُ الوَردَةَ في كُمِّها

لِأَنَّ فيها أَرَجاً عاطِرا

يُذَكِّرُ الصَبُّ بِذاكَ الشَذا

هل تَذكُرينَ العاشِقَ الذاكِرا

كَم نائِمٍ في وَكرِهِ هانِئٍ

نَبَّهتِهِ مِن وَكرِهِ باكِرا

أَصبَحَ مِثلي تائِهاً حائِراً

لَما رَآني في الرُبى حائِرا

وَراحَ يَشكو لي وَأَشكو لَهُ

بَطشَ الهَوى وَالهَجر وَالهاجِرا

وَكَوكَبٍ أَسمَعتُهُ زَفرَتي

فَباتَ مِثلِيَ ساهِياً ساهِرا

زَجَرتُ حَتّى النَومَ عَن مُقلَتي

وَلَم أُبالِ اللائِمَ الزاجِرا

يا لَيتَ أَنّي مَثَلٌ ثائِرٌ

كَيما نَقولُ المَثَلَ السائِرا


شعر ألحب روح أنت معناه

يقول خليل مطران:

الحُبُّ رُوحٌ أَنْتَ مَعناهُ

وَالحُسنُ لَفْظٌ أَنتَ مَبْنَاهُ

وَالأُنْسُ عهدٌ أنت جَنتهُ

وَاللفظُ رَوضٌ أَنتَ مَغناهُ

ارْحَمْ فؤاداً فِي هَوَاكَ غدا

مَضْنًى وَحُمَّاهُ حُميَّاهُ

تمَّت بِرُؤْيَتِكَ المُنى فحكَتْ

حِلماً تَمَتَّعْنَا بِرُؤْيَاهُ

يَا طِيبَ عيْنِي حِين آنسهَا

يَا سَعْدَ قَلْبِي حِين ناجَاهُ


شعر دعيني أحبك

يقول فاروق جويدة:

دعيني أقاوم شوقي إليك

وأهرب منك ولو في الخيال

لأني أحبك وهمًا طويلا

وحلم بعيني بعيد المنال

دعيني أراك هداية عمري

وإن كنت في العمر بعض الضلال

دعيني أقاوم شوقي إليك

فإني كرهت أصول الرمال

نحب كثيرًا ونبني قصورا

وتغدو مع البعد بعض الظلال

دعيني أراك كما شئت يومًا

وإن كنت طيفًا سريع الزوال

فما زلت كالحلم يبدو قريبًا

وتطويه منا دروب المحال


شعر وجهك مثل مطلع القصيدة

يقول نزار قباني:

يسحبني
يسحبني
كأنني شراع
ليلاً إلى شواطئ الإيقاع
يفتح لي أفقاً من العقيق
ولحظة الإبداع
وجهك وجهٌ مدهشٌ
ولوحةٌ مائيةٌ
ورحلةٌ من أبدع الرحلات
بين الآس والنعناع
وجهك
هذا الدفتر المفتوح ما أجمله
حين أراه ساعة الصباح
يحمل لي القهوة في بسمته
وحمرة التفاح
وجهك يستدرجني
لآخر الشعر الذي أعرفه
وآخر الكلام
وآخر الورد الدمشقي الذي أحبه
وآخر الحمام
وجهك يا سيدتي
بحرٌ من الرموز والأسئلة الجديدة
فهل أعود سالماً
والريح تستفزني
والموج يستفزني
والعشق يستفزني
ورحلتي بعيده
وجهك يا سيدتي
رسالةٌ رائعةٌ
قد كتبت
ولم تصل بعد إلى السماء


شعر آه من الحب كله عبر

يقول إيليا أبو ماضي:

آه من الحبّ كلّه عبر

عندي منه الدموع والسهر

وويح صرعى الغرام إنّهم

موتى وما كفّنوا ولا قبروا

يمشون في الأرض ليس يأخذهم

زهو ولا في خدودهم صعر

لو ولج الناس في سرائرهم

هانت وربّي عليهم سقر

ما خفروا ذمّة ولا نكثوا

عهدا ولا مالأو ولا غدروا

قد حملوا الهون غير ما سأم

لولا الهوى للهوان ما صبروا

لم يبق منّي الضّنى سوى شبح

يكاد لولا الرجاء يندثر

أمسي و سادي مشابها كبدي

كلاهما النار فيه تستعر

أكل صبّ يا ليل مضجعة

مثلي فيه القتاد والإبر

لعلّ طيفًا من هند يطرقني

فعند هند عن شقوتي خبر

ما بال هند عليّ غاضبة

ما شاب فودي وليس بي كبر

ما زلت غضّ الشباب لا وهن

يا هند في عزمتي ولا خور

لا درّ درّ الوشاة قد حلفوا

أن يفسدوا بيننا وقد قدروا

واها لأيّامنا أراجعة

فإنّهن الحجول والغرر

أيّام لا الدهر قابض يده

عنّي ولا هند قلبها حجر

لم أنسَ ليلًا سهرته معها

تحنو علينا الأفنان والشجر

غفرت ذنب النّوى بزورتها

ذنب النوى باللقاء يغتفر

بتنا عن الراصدين يكتمنا

الأسودان الظلام والشعر

ثلاثة للسرور ما رقدوا

أنا وأخت المهاة والقمر

فما لهذي النجوم ساهية

ترنو إلينا كأنّها نذر

إن كان صبح الجبين روّعها

فإنّ ليل الشعور معتكر

أو انتظام العقود أغضبها

فإنّ درّ الكلام منتثر

وما لتلك الغصون مطرقة

كأنّها للسلام تختصر

تبكي كأنّ الزمان أرهقها

عسرًا ولكن دموعها الثمر

طورًا على الأرض تنثني مرحًا

وتارة في الفضاء تشتجر

فأجلفت هند عند رؤيتها

وقد تروع الجآذر الصور

هيفاء لو لم تلن معاطفها

عند التثنّي خشيت تنكسر

من اللّواتي ولا شبيه لها

يزينهنّ الدلال والخفر

في كل عضو وكل جارحة

معنى جديد للحسن مبتكر

تبيت زهر النجوم طامعة

لو أنّها فوق نحرها درر

رخيمة الصوت إن شدت لفتت

لها الدّراري وأنصت السحر

أبثّها الوجد وهي لاهية

أذهلها الحبّ فهي تفتكر

يا هند كم ذا الأنام تعذلنا

وما أثمنا ولا بنا وزر

فابتدرت هند وهي ضاحكة

ماذا علينا وإن هم كثروا

فدتك نفسي لو أنّهم عقلوا

واستشعروا الحبّ مثلما عذروا

ما جحد الحبّ غير جاهله

أيجحد الشمس من له بصر

ذرهم وإن أجلبوا وإن صخبوا

ولا تلمهم فما هم بشر

سرنا الهويناء ما بنا تعب

وقد سكتنا وما بنا حصر

لكنّ فرط الهيام أسكرنا

وقبلنا العاشقون كم سكروا

فقل لمن يكثر الظنون بنا

ما كان إلاّ الحديث والنظر

حتّى رأيت النجوم آفلة

وكاد قلب الظلام ينفطر

ودّعتها والفؤاد مضطرب

أكفكف الدمع وهو ينهمر

وودّعتني ومن محاجرها

فوق العقيق الجمان ينحدر

قد أضحك الدهر ما بكيت له

كأنّما البين عنده وطر

كانت ليالي ما بها كدر

والآن أمست وكلّها كدر

إن نفد الدمع من تذكّها

فجادها بعد أدمعي المطر

عسى اللّيالي تدري جنايتها

على قتيل الهوى فتعتذر


شعر عند العشاق

تقول نازك الملائكة:

ربما كان في حياة المحبيـ

ـن رجاء أو دفقة من ضياء

ربما كان عندهم ذلك الإكـ

ـسير بين الخيال والأهواء

شاطئ الحبّ أيها اللامع الخا

دع هات الحديث عن أبنائك

صف مناهم وبشرهم وأساهم

صف لنا ما اختفى وراء صفائك

صف لنا كيف يعصر العاشق الشو

ق إلى من ينام عن بلواه

كيف يلهو به الخيال فيمضي الـ

ـليل سهران غارقًا في مناه

صف حياة الذي استبدّ به الحب

فخال الحياة جّنة سحر

ومضى فاتحًا ذراعيه للنو

ر يصوغ الحياة ديوان شعر

يلثم الزهر في الحقول ويشدو

لليالي الحصاد لحن هواه

راقصًا كالفراش للقمر الحلـ

ـو خليًا من يأسه وأساه

راسمًا للغد الجميل من الأحـ

ـلام ما لا تطيقه الأقدار

سادرا في أوهامه غير دار

أن هذي الحياة هول ونار

في يديه كأس الرحيق يغنيـ

ـه على مسمع النهار ويشرب

وعلى ثغره ابتسامة مخدو

ع يغّني له الشقاء فيطرب

ثم يخبو الضياء ذات مساء

ويفيق النشوان بالأوهام

فإذا الحقل ذابل لا زهور

لا فراش لا شيء غير الظلام

أين تلك الأحلام؟ كيف ذوى الحب؟

وأين الوجه الحبيب النضير

يا لغدر الأيام لم تحفظ العهـ

ـد لقلب جنى عليه الشعور

وتمرّ الحياة والعاشق المهـ

ـجور قلب دام ووجه شاحب

أبدًا يرجع الخيال إلى الما

ضي ويبكي على الغرام الذاهب

أبدًا يرمق الحياة كئيبًا

من وراء الدموع والأحزان

ويراها الذئب الذي ينهش القلـ

ـب ويقسو على الأسى الإنساني

أبدًا يسأل الظلام حزينًا

شارد الفكر أين ألحان قلبي

أين زهري وأين بلبلي المنـ

ـشود؟ ماذا أضاع أحلام حبّي؟

أين تلك التي سكبت عليها

من حياتي ومن فؤادي ولحني

أين تلك العيون تلهم أحلا

مي وتمحو غشاوة الحزن عنّي؟

يا لقلب المسكين تلذعه الذكـ

ـرى وتحيي غرامه وأساه

هكذا قد قضى عليه كيوبيـ

ـد فماذا تفيده شكواه؟

فليجد في الخيال والشعر والذكـ

ـرى دواء لحبّه المصدوم

وليقضّ الحياة بين حقول الـ

ـقمح والقطن تحت ضوء النجوم

وليحبّ الغيوم والفجر والنهـ

ر ويمضي الأيّام بين التلال

يتغنّى فيعشق الزهر موسيـ

ـقاه عند الهوى وفوق الجبال

فحياة الخيال أجمل من وا

قع حب ملفّع بالرماد

وهنا يا مصدوم حرّية الرو

ح فماذا يغريك بالأصفاد

سل كيوبيد عن شقاوة صرعا

ه وماذا يلقون من تعذيب

كيف يحيون في جحيم من الشكّ

وليل من الضنى والشحوب

إن قضت بالحرمان أيّامهم عا

شوا حزانى معذبين حيارى

يشتكون الأقدار والزمن العا

تي ويحيون أشقياء أسارى

وإذا ما تحقق الحلم العذ

ب أشاحوا عن سحره كارهينا

ويعود الضياء ليلًا دجّيًا

وتعود الأزهار شوكًا وطينا

هكذا يخمد الغرام وتخبو

شعلة الحب والمنى والحنين

فالسعيد السعيد من دفن الحبّ

وعاش الحياة غير سجين

يا دموع العشّاق قد شبع العا

لم بؤسًا فلا تزيدي أساه

قد ملأنا الكون الجميل دموعا

وشبعنا من صمته ودجاه

فانضبي أنت حسبنا شجن العيـ

ش وبلوى الحياة والأيام

حسب هذي الأرض الكئيبة دمع الـ

ـبائسين الجياع والأيتام

انضبي واطردي خيال كيويبـ

ـد وحسب الغرام هذي الضحايا

لن ينال العشّاق يومًا سوى أد

مع حبّ حفّت سناه المنايا


شعر أَنَا أَميرُ العُشَّاقْ

يقول ابن سناء عبد الملك:

أَنَا أَميرُ العُشَّاقْ

قَلْبي لِوائي الخفَّاقِ

وَإِنَّه كِنَانةٌ

فيها سهام الأَحْدَاقْ

وإِنَّه مُخَيِّمٌ

له القلوبُ أَوطاق

خيَّم فيه مَلِكٌ

له الجُسُومُ رُسْتَاقْ

قد مَلَكَ المُلْحَ وقد

فاق مِلاَحَ الآفاقْ

مُثْرٍ من الحسن فما

يُخْشَى عليه الإِمْلاَقْ

وَمُدْنَفُ الطَّرفِ فما

يُدْعَى لَهُ بالإِفْرَاقْ

وسِحْرُهُ حَقٌّ فكم

قد حَقَّ بي وقد حاقْ

مَعَ أَنَّ قَلْبي مَعَهُ

كُلِّي إِليْهِ مُشْتَاقْ

يَنْثَالُ لَثْمِي كلَّما انْ

ثالتْ عليه الأَشْوَاقْ

يبيتُ من خَوْفي علي

هِ للعِنَاق أَغْلاَقْ

إِذا تَثَنَّى قَدُّهُ

فالغُصْنُ بَيْنَ الأَوْراقْ

وَمَنْ رَأَى مَبْسِمَهُ

رأَى عُقُودَ الأَحْقَاقْ

وإِن تَغنَّى حَلْيُهُ

فهل سَمِعْتَ إِسْحَاقْ

عِذَارُه وخَدُّهُ

سَطْرٌ عَلَيْهِ أَلْحَاقْ

وَبَعْدَ ذَا صِيَانَةٌ

قد بَرَّحَتْ بالعُشَّاقْ

كَمْ نَصَحُوا مِنْها وَكَمْ

صَاحُوا وكَمْ قالُوا قَاقْ

سَلْنيَ عن مِعْصَمِهِ

ولا تَسَلْ عَنِ السَّاقْ

ما أَحْسَنَ الخَلقَ وَمَا

أَحْسَنَ تِلْكَ الأَخْلاَقْ

عَواذِلي بِحُسْنِهِ

قد خَضَعُوا بالأَعْنَاقْ

وسكَتُوا لأَنَّهُمْ

قد شَرِقُوا بالأَرْيَاقْ

لَمْ يَنْظُروا وأُخْرسُوا

هَذَا عَمىً وذَا خنَاقْ

لم يَحْكِ جَفْني بَعْدَهُ

إِلاَّ السَّحابُ الغَدَّاقْ

كان لتُرْب الأَرْض في

دُمُوعِ عَيْنِيَ أَرزاقْ

يَا عَجباً لأَدْمُعِي

تَزْكُو بطولِ الإِنْفَاقْ

شُفِيتَ يا قلبُ بهِ

فقالَ لي وَالآمَاقْ

وأَصْلُ ذُلِّي نظرةٌ

تسَلَّقتْ إِلى النِّطاقْ

وَسَرْقةٌ فعُوقِبَ

الجِسمُ عِقابَ السُّرَّاقْ

هذا هو الظلمُ الَّذِي

يُقْضى بِهِ للعُشَّاقْ

يا قاتِل الصَّبِّ هوىً

لا ذُقْتَ مِنْهُ ما ذاقْ

أَمَتني بنظرة

فأَحْيِني بإِطْرَاقْ

أَمتَّني فأَحْيِني

يا سُمُّ أَو يَا دِرْيَاقْ

أَغْرقتُ في النَّزع وما

حرَّمتني بالإِعْرَاقْ

لم يَبْقَ شيءٌ فيَّ أَو

شَمِلْتَهُ بالإِحْرَاقْ

وإِنَّ شَيْبي أَسودٌ

لأَنَّ شيْبي حُرَاقْ

لي أُسوةُ الشمسِ التي

أَثْكَلْتَها بالإِشْرَاقْ

ومزنةٌ ضَحِكَتْ إِذَا

فجَّعْتَها بالإِبْرَاقْ

إِن كان أَسْرِي سَرَّهُ

فالأَسْرُ مثلُ الإِطْلاَقْ

أَو ضاقَ صدراً بي فَصَدْ

رِي بالهُمُومِ ما ضَاقْ

أَو خانَ مِيثاقي

فإني لا أَخونُ المِيثاقْ
للأعلى للأسفل